الارشيف / لايف ستايل

الامارات | طفل زمن «السوشيال ميديا».. النوافذ تتسع وتبقى الأسرة «الرقيب الواعي»

شكرا لقرائتكم خبر عن طفل زمن «السوشيال ميديا».. النوافذ تتسع وتبقى الأسرة «الرقيب الواعي» والان نبدء بالتفاصيل

الشارقة - بواسطة ايمن الفاتح - في عصر تحكمه التكنولوجيا، وتنتشر فيه منصات وسائل التواصل الاجتماعي، لم تعد العائلة مصدر التربية الوحيد للطفل، إذ باتت النوافذ التي يتلقى منها قيمه أكثر تشعباً واتساعاً، ومن بينها عوالم الإنترنت وفضاءات التواصل الاجتماعي، والتي تُعدُّ سلاحاً ذا حدين، إذ تفتح العيون على المستقبل، لكنها تشتمل على مخاطر ينبغي الحذر منها، ما يتطلب انتباه الآباء والأمهات إلى «الإنترنت الآمن»، وتوعية أطفالهم بإيجابيات وسلبيات ذلك الفضاء الفسيح.

وشدد خبراء ومختصون في علم الاجتماع والإرشاد الأسري التقتهم «الإمارات اليوم» على ضرورة التفات الأهل إلى مصادر التربية المتنوعة وتفهمها، من أجل تقليص الآثار السلبية التي قد تنجم عنها، مقدمين مجموعة من النصائح لأجل التربية الواعية للطفل في ظل منظومة القيم الجديدة التي فرضها العصر وأدواته.

وأشار الأخصائي في علم الاجتماع بجامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، إلى وجود منظومة قيمية لدى الأطفال ترتبط بالعالم الافتراضي، والتي لا تتماشى معها التنشئة التقليدية، لذا تتعارض أحياناً قيم الآباء والأبناء.

وأضاف: «بعض الأهالي ينظرون إلى المنظومة الجديدة على أنها خطأ، علماً بأنها ليست كذلك بشكل مطلق، وإنما هي عبارة عن واقع افتراضي، فالمنظومة التقليدية تقوم على العالم الملموس، بينما القيم الجديدة متداخلة مع العالم الافتراضي».

وأشار الدكتور العموش إلى أهمية دور المدرسة التي تدخل في المنظومة القيمية والسلوكية لدى الأطفال، واصفاً دورها بالدور العلمي الذي يقوم على التعليم، ومانحاً الأب والأم دور التربية والتنشئة.

واعتبر أن التنشئة قبل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، كانت تقليدية تعتمد على الالتزام والطاعة، كما أن العائلة والمحيط الاجتماعي كانا المصدر الرئيس للتربية، بينما باتت اليوم تحتمل وجود الكثير من الشركاء، ومنها التكنولوجيا والهاتف ومنصات التواصل الاجتماعي. ووجد أنه من الضروري أن يتعامل الأهالي مع الواقع الجديد من خلال التعايش وخلق روتين جيد للطفل، إذ من الممكن إيجاد بدائل عن التكنولوجيا من خلال النشاط البدني.

ووصف الواقع الحالي للأطفال بأنه ينتمي إلى المستقبل، فأبناء هذا الجيل الجديد يعيشون في عالم مختلف، لذا يوجد أحياناً تناقض بينهم وبين آبائهم، ولردم الفجوة لابد من اتخاذ بعض الخطوات.

تكامل الأدوار

وحول الخطوات التي تردم الفجوة بين الآباء والأبناء، أوضح الدكتور العموش أن من أبرزها: الواقعية في التعاطي مع الأطفال، والابتعاد عن الإدارة الأبوية التقليدية، لأن الطفل يعيش في قرية عالمية مفتوحة، وكذلك محاولة التعرف إلى اهتمامات الجيل الجديد والتقرب منه.

أما عن تنشئة طفل عربي بثقافة عالمية، فرأى أن ذلك يكون من خلال تكامل الأدوار بين المدرسة والأسرة والإعلام، فهناك مجموعة أدوار للأسرة، ومن المهم فهم هذا العالم الفسيح ومسايرته وتدعيمه بمنظومة ثقافية محلية، لمساندة العائلة في عملية التربية.

ولفت إلى إمكانية إيجاد منصات اجتماعية محلية مختصة بمحتوى الطفل الجيد، وتوجيه الابن نحوها، لأن الطفل غير مبرمج، والعالم الافتراضي يمنحه الكثير من الآراء، وأحياناً يعاني التناقضات التي تجعله انسحابياً أو منعزلاً.

وعن الآثار السلبية التي تتركها منصات التواصل الاجتماعي على الطفل، أكد الدكتور العموش أنه قد يتمرد على المنظومة القيمية التقليدية، ويصبح عدوانياً، فضلاً عن بروز الجانب الأناني.

سطوة كبيرة

من جهتها، قالت الأخصائية في الإرشاد النفسي والأسري لمى الصفدي، عن تشكل القيم عند الطفل في ظل سطوة منظومة التواصل الاجتماعي، إن «هذا يعتمد على مدى ارتباط الطفل بهذه المنظومة، فبعض العائلات تسمح لأولادها بفتح حسابات على كل منصات التواصل الاجتماعي وهم دون العمر المسموح به، بينما هناك أخرى تكون لديها رقابة أكبر ولا تسمح بذلك»، مفضّلة ألا يمتلك الطفل أي حساب على منصات التواصل الاجتماعي قبل بلوغه 13 عاماً، على أن يكون هناك توافق بين الأهل على عدم امتلاكه لهذه المنصات.

أما في حال كان الطفل يتابع منصات التواصل الاجتماعي وهو لم يبلغ 13 عاماً، فأشارت لمى الصفدي إلى أهمية خضوعه لجلسات «فلترة»، والتي تغرس في الصغير فكرة أن ما يراه على منصات التواصل الاجتماعي غير واقعي تماماً، وأنه من الممكن لأي إنسان أن يصنع محتوى يخدم مصلحته الشخصية دون أن تكون أهدافه صحيحة وواقعية، فالعديد من التفاصيل على منصات التواصل قد تكون غير واقعية وقد تصل حد المبالغة فيها، لذا لابد من إيجاد حوار مستمر مع الأطفال حول ما شاهدوه، ومن هم صنّاع المحتوى الذين يتابعونهم، بهدف معرفة المدخلات التي تصل إليهم.

وبالمقارنة بين الأطفال في عصر التواصل الاجتماعي، وما قبل انتشار المنصات، رأت الأخصائية في الإرشاد النفسي أن هناك فروقات سلبية وإيجابية، فالإيجابية تتمثل في عقل الطفل المتطور والمنفتح على العالم، ووجود كمية كبيرة وزخم من المعلومات التي تجعله مثقفاً، خصوصاً إن كانت المحتويات التي يتابعها مفيدة.

وتابعت: «معظم الأطفال لا يعرفون كيف يختارون المحتوى، ولهذا نجدهم يذهبون إلى المحتوى المضحك الخفيف، وفي معظم الأحيان يكون عبارة عن أشخاص يصورون مقالب أو محتويات ليست ذات قيمة، وهنا تكمن الخطورة، لأن هذه المحتويات تزرع قيماً ومبادئ تتخطى حدود التسلية ومنها إمكانية إهانة الأم والأب، أو إمكانية أذية الناس بهدف الضحك، أو السرقة بهدف الضحك، أو حتى الكذب من أجل الضحك وجذب المتابعين وهذا أخطر الأضرار».

ووصفت دور الأب والأم بالمهم جداً في مراقبة الطفل، لاسيما إن كانت لديه حسابات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، على أن يكون الطفل تحت المراقبة السليمة، ليبقى موضوع التواصل الاجتماعي مريحاً وسلساً، ويمكن للطفل أن يعيش كما كل رفاقه ومن هم في مثل عمره، بل ولديه قدرة على اختيار الأصح والمناسب له، ويتشكل لديه الوعي من أجل إبعاد كل ما هو مؤذٍ، مشددة على أن غياب هذه المراقبة السليمة والواعية والاهتمام من قبل الأهل، سيجعل منصات وسائل التواصل الاجتماعي شريكة بالتربية السيئة والخطأ.

تحدٍ كبير

ولم تخفِ لمى الصفدي أن الطفل الإماراتي اليوم يعيش تحدياً كبيراً، وسط الكثير من الانفتاح على الثقافات ومنصات التواصل الاجتماعي، مشيدة بالوعي المتزايد لدى الأسر الإماراتية التي باتت تهتم كثيراً بمسألة الثقافة المحلية، لاسيما أن هناك مراكز كثيرة في الدولة تُعنى بمسألة الثقافة والقراءة باللغة العربية، وهناك وعي لوجود مساعد سواء كان أخصائياً نفسياً أو مستشاراً أسرياً للوصول إلى تربية سليمة لأطفالهم.

في متناول الجميع

من ناحيتها، قالت الكاتبة في أدب الطفل ومدرب مهارات تفكير وميسر فلسفي للأطفال، هيا القاسم: إن «وسائل التواصل الاجتماعي باتت بمتناول الجميع، وضبطها ليس بالأمر السهل، ونشهد بروز حسابات تتحلى بالكثير من المتابعات وهي للأطفال، ونحن أولياء أمور ومربين مسؤولون بشكل كامل عن المحتوى الذي يقدم من قبل الطفل على منصات وسائل الاجتماعي، خصوصاً إن تم تجاوز القوانين التي لا تسمح بفتح حسابات دون سن محددة».

وأضافت أن القيم تتشكل عند الطفل من خلال وجود رقابة أولية من الأهل، إذ من الممكن السماح للطفل بالتصفح عبر الإنترنت، مع وجود وازع يُربى عليه الطفل، يحدد له الممنوع والمسموح، لأن القيم تختلف من بيئة لأخرى، مشيرة إلى ضرورة أن يتابع الأهالي القنوات التي يتابعها الأطفال، فلابد من وجود التوعية، وعدم ترك الطفل أمام محتويات غير لائقة، وتثقيفه حول كيفية التصرف في حال شاهد أي محتوى من هذه المحتويات.

وشددت على أهمية بناء مصداقية بين الأهل والطفل، من خلال التربية المبنية على الحوار مع الطفل، ففترة جائحة فرضت وجود الأجهزة بين أيدي الأطفال على نحو كبير، لذا لابد من إيجاد الحوار على نحو متواصل.

ومنحت الأهالي مجموعة من الضوابط التي تساعد في تنشئة الطفل على نحو مميز، ومنها أولاً تحديد الوقت الذي يقضيه الأبناء على الأجهزة، وثانياً الاتفاق على المحتوى الذي يشاهدونه، وتحديد عدد التطبيقات الجديدة التي يقوم الصغار بتنزيلها كل أسبوع، على أن تكون بعض التطبيقات من اختيارهم، وبعضها من اختيار الأهل، بهدف استثمار طاقتهم بالتطبيقات التي تغذي عقولهم، مشيرة إلى أنه في الأعمار الصغيرة من الصعب أن يعتمد الأهالي على مصداقية الطفل فقط، إذ يجب أن يحافظوا على الرقابة، لأنها ضرورية في التنشئة الصحية.

وذكرت هيا القاسم الكثير من الإيجابيات للأجهزة الإلكترونية ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك الكثير من الأطفال أتقنوا العديد من اللغات من خلال المنصات الإلكترونية، كما أن بعض الذين يعانون البدانة خسروا الكثير من الوزن من خلال التطبيقات، لذا لابد من توجيه الطفل حول ما يمكن أن يشاهده.

ووضعت العائلة في المرتبة الأولى بتربية الطفل، بينما المدرسة في المرتبة الثانية، والتواصل الاجتماعي ثالثاً، إلى جانب المجتمع المحيط الذي أكدت أنه مازال يحافظ على دوره في دولة الإمارات، بسبب الدور الفعّال للأسرة الممتدة.

ووصفت الأجهزة الذكية بأنها مؤثر حقيقي على عقل الطفل، وتترك أثرها الملحوظ والسريع، مشيرة إلى أهمية إيجاد المثال المؤثر عند الطفل، والذي يتكون من خلال العلاقة الأسرية السليمة.

ورأت أن الطفل الإماراتي يتعامل مع ما يزيد على 200 جنسية، ويعيش في بيئة مختلطة الثقافات، ولهذا لابد من تعزيز قيم مجتمعه لديه، كي يكون بإمكانه التأثير بغيره دون أن يتأثر بالقيم والعادات الأخرى التي لا تنتمي لثقافته.

وأشادت الكاتبة في أدب الطفل بمبادرات حكومة الإمارات التي تسهم في تنشئة الجيل الجديد على نحو مميز، ومنها تحدي القراءة العربي الذي غرس حب الثقافة والقراءة في نفوس الصغار، علاوة على المبادرات الأخرى التي تعزز لديهم حب العطاء، مثل مبادرة المليار وجبة.

• المختصون يشددون على أهمية بناء مصداقية بين الأهل والطفل، من خلال التربية المبنية على الحوار.

• دور الأب والأم مهم جداً في مراقبة الطفل، لاسيما إن كانت لديه حسابات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي.


 

لأجل «إنترنت آمن»

أكد رئيس مجلس إدارة جمعية الإنترنت الآمن، الدكتور عبدالله محمد المحياس لـ«الإمارات اليوم» أن الدولة تبذل جهوداً كبيرة من أجل حماية الأطفال والنشء من الأخطار التي يمكن أن يتعرضوا لها خلال استخدامهم للفضاء الرقمي، وتسليح الأجيال الجديدة بالقيم التي تمكنهم من الانفتاح على المستقبل، وفي الوقت نفسه الحفاظ على قيم وعادات وتقاليد المجتمع الإماراتي، وذلك عبر العديد من القنوات الرسمية والتطوعية، وفي هذا الإطار جاء إطلاق جمعية الإنترنت الآمن، وهي جمعية تطوعية خيرية تسعى إلى التوعية بمخاطر وسلبيات استخدام الإنترنت، لاسيما على الأطفال.

وشدد على أن مسؤولية حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت تقع في المقام الأول على الأسرة، إذ يجب على الأسر متابعة أطفالها والتواصل معهم، لمعرفة المواقع التي يستخدمونها، ويجب أن يكون هذا التقارب مستمراً ومتواصلاً، ولا يقتصر على مرة واحدة أو سؤال عابر من الأب أو الأم للأبناء، كذلك على الأسرة التحكم في فترة استخدام الأطفال للإنترنت، وتشجيعهم على ممارسة فعاليات على أرض الواقع مثل ممارسة رياضات مختلفة، والتنزه في الطبيعة، والتعرف إلى أصدقاء من عمرهم.

ولفت رئيس الجمعية إلى أن دولة الإمارات تشهد تنظيم العديد من الفعاليات والمهرجانات ذات الطابع العائلي، بما يشجع على أن يتجمع أفراد الأسرة معاً في أجواء طبيعية مسلية بعيداً عن الفضاء الافتراضي، والعوالم غير الحقيقية.

وطالب بضرورة التوعية بكيفية التصرف السليم إذا ما تعرض الشخص لأي مشكلة عبر الإنترنت، وهو ما تقوم به الجمعية من خلال تنظيم ندوات ومحاضرات توعوية، لحماية الأسرة من مخاطر المحتوى الإلكتروني الذي قد يتعرضون له، وحثهم على الاستفادة من المحتوى الإيجابي في العالم الرقمي عبر تعريفهم بأدوات الاستخدام الآمن للإنترنت، إذ نفذت الجمعية أكثر من 150 محاضرة توعوية للأطفال والطلبة والمدرسين وأولياء الأمور في هذا الاتجاه. وأوضح أن الجمعية عقدت أول مؤتمر دولي لها ناقش حماية الطفل الإماراتي وسلامته من مخاطر استخدام الإنترنت والأجهزة الذكية تحت شعار «رفاه الأطفال في العالم الرقمي»، وسلّط الضوء على أهداف الجمعية، وجهودها في حماية الطفل من مخاطر استخدام الإنترنت غير الآمن لاستشراف مستقبل رقمي آمن ومواطنة إيجابية، لتعزيز جودة السلامة الرقمية للأطفال، وناقش محاور رئيسة هي سلامة الأطفال في العالم الرقمي، ورفاهية الأطفال والأسر في العالم الرقمي، فضلاً عن دور المشاركة والشراكات المدنية في تعزيز الرفاهية الرقمية، بهدف إعداد جيل مؤهل للتعامل بمسؤولية ووعي في العالم الافتراضي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا