الارشيف / لايف ستايل

سامي عمارة كتب من الآخر : علاقة مصر بروسيا إضطرار لا أختيار

كتب ياسر ابراهيم - الخميس 7 فبراير 2019 11:32 صباحاً - سامي عمارة كتب من الآخر : علاقة مصر بروسيا إضطرار لا أختيار



سامي عمارة

المراسل الصحفي الأكثر خبرة بالشؤون الروسية

 

" من واقع ان  للتاريخ "عيونا وآذان"، واستنادا الى معايشة قريبة زمانا ومكانا، امتدت لما يزيد عن نصف القرن ، يأتي كتاب "القاهرة – موسكو" ( وثائق وأسرار) الصادر حديثا عن " دار الشروق"، ليميط اللثام عن الكثير من خفايا واسرار العلاقات المصرية السوفيتية – الروسية التي طالما كانت ولا تزال تحدد الكثير من معالم هذا الزمان وذات المكان. "القاهرة – موسكو"  ..  "شهادات" و"وثائق" تدحض وتفند ما تناثر، ويتناثر على طريق العلاقات المصرية والروسية من "أشواك" التفسيرات والأقاويل، ومنها ما يتعلق بأخطر مراحل التاريخ المصري المعاصر. ما بين تضاريس "سري"، و"سرى للغاية"، وتحفظات "بدون حق النشر"، التي تصدرت مئات الوثائق والملفات في أرشيفات العاصمة الروسية، إمتدت مسيرة المؤلف ولاعوام طوال على درب البحث والتنقيب عن مدى صحة ما قيل ويقال حول ان "علاقات القاهرة وموسكو كانت ولا تزال علاقات اضطرار وليست اختيار".

ولعله يكون من المناسب ان نستهل حديثنا عن هذا الكتاب بما اختاره المؤلف من كلمات اوجز بين طياتها الكثير من الراي والرؤى تجاه هذه العلاقات .

"الى عبد الناصر،

إلى بناة السد العالي ومعهم رفاق السلاح في مرحلة إعادة بناء القوات المسلحة، من المصريين والسوفييت على حد سواء،

إلى كل من وضع لبنة في صرح الصداقة المصرية السوفيتية ـ الروسية، موقفاً كان أو كلمة...

 

ذكرى للآمال التي تجسدت، والارادة التي تحررت، والانجازات التي تحققت، والأيام التي ماجت، وخانت، وتكسرت نصالها ، لتبقىقى الحقيقة والوثيقة فوق كل أفًاك أثيم".   

ونأتي الى ما تصدر الكتاب من كلمات اودعها مؤلفه د. سامي عماره في مقدمته التي يبدو انه حرص على اختيار كلماتها بالقدر الذي يتناسب مع المنهج الذي اعتمده إطارا لاستعراض ما تضمنه هذا الكتاب من وثائق وحقائق وأسرار .

 

 قال سامي عمارة :

"مع التاريخ ووثائقه نمضي.. لا من أجل استباق إصدار الأحكام، أو توجيه الاتهامات واستدعاء الإيحاءات والإسقاطات، بل تأكيدًا لحقيقة أن «التاريخ حي في الحاضر، ومؤثر في المستقبل». ولما كانت «الوثائق لا تحترق»، حسب القول الروسي المأثور، فإنها تضم بين دفتيها الكثير من العبر والنتائج التي يتوجب استدعاؤها، ليس لمجرد الاحتفال بها والإشادة بآثارها وتبعاتها؛ بل وأيضًا تحسبًا لما قد يتناثر على الطريق من عقبات؛ وللتفكر في مدى صحة ما قيل ويقال حول «أن علاقة مصر بالاتحاد السوفيتي ـ والآن مع روسيا ـ كانت ولا تزال علاقات اضطرار، وليست علاقات اختيار».

والأمر هنا لا يقتصر على مجرد مسيرة تعاون، ثمة من يقول إنها كانت وستظل نموذجًا يمكن البناء عليه. كما أن «القصة» ليست مجرد سرد لمرحلة تاريخية، يصفها البعض بأنها كانت علامة فارقة في مسيرة الشعب المصري نحو تحرير الإرادة والاستقلال بالرأي والقرار. ولذا فإن الأمر لا يمكن أن يتعلق وحسب بعلاقات البلدين.. ولا بأول صفقة سلاح مع بلدان المعسكر الاشتراكي في عام 1955، كانت في حينها ضربًا من خيال امتزج في حينه بدسائس وألاعيب أجهزة مخابرات كثيرة، ولا ببناء السد العالي الذي كان ولا يزال عنوانًا لإحدى أهم مراحل نضال الشعب المصري في عصره الحديث، بقدر ما يبدو عنوانا لمرحلة نَخَالها إحدى أهم المراحل في التاريخ المصري المعاصر.

فقد امتدت المسيرة وتشعبت دروبها، وبغض النظر عن كل ما اكتنفها من غموض، وتناثر على طريقها من عقبات وعراقيل؛ لتشمل الكثير من المشروعات؛ ولتظل علامة مضيئة على الطريق، بعيدًا عن أي اتهامات أو إسقاطات، ثمة من يشير إلى أنها تظل في غير موضعها في مخيلة الكثيرين في روسيا ومصر على حد سواء.

ولعله يمكن القول إن وقائع العلاقات المصرية ـ السوفيتية لم تغير وحسب تاريخ المنطقة وأسس العلاقات الدولية، بل وأيضًا جغرافية المكان، وهو ما سنحاول الخوض في تفاصيله من واقع ما أُتيح لنا الاطلاع عليه من وثائق وسجلات المؤسسات السوفيتية ـ الروسية، ومنها «أرشيف وزارة الخارجية الروسية»، فضلا عن المراجع العلمية وما صدر من مذكرات وكتب في كل من القاهرة وموسكو.

وقد يقول قائل إن الصحفي ليس في مقدوره أن يكتب التاريخ.. وذلك صحيح. فمثل هذه المهمة قد تتجاوز قدراته وطاقته، فضلًا عن أنه غير مؤهل للقيام بها، وهي التي تتعدى إطار مهنته ومهنيته. وذلك صحيح أيضًا.

لكن الصحيح كذلك، أن الصحفي يبدو أقدر من كثيرين غيره على الاضطلاع ببعض أعباء مثل تلك المهمة، من خلال رصده ومتابعته للأحداث التي قد يكون التاريخ قاده إلى المشاركة في بعضها، وربما بمحض صدفٍ رتبتها الأقدار، دون مقدمات موضوعية أو ذاتية؛ ليكون قريبًا ومشاركًا في هذه الأحداث بشكل أو بآخر، بما قد يجعله الأقدر على تقديم «شهادة» يمكن أن تكون فيها فائدة أو إفادة، ويمكن أن تكون سندًا أو قرينة، لمن تسوقه الأقدار ويؤهله التخصص للتصدي لمثل هذه المهمة الجليلة. ولما كان التاريخ له آذان فإننا نضيف ما يسجله بعض علماء التاريخ حول إنه يمكن أن تكون له أيضًا عيون.

وهنا أنقل عن أستاذ الجيل محمد حسنين هيكل ما كتبه في مقدمة كتابه «ملفات السويس» حول «إن الذين يعيشون الحوادث هم في غالب الأحيان آخر من يصلح لتأريخها؛ ذلك لأن معايشتهم للحوادث تعطيهم على الرغم منهم دورًا، والدور لا يقوم إلا على موقف، والموقف بالطبيعة اقتناع، والاقتناع بالضرورة رأي، والرأي في جوهره اختيار، والاختيار بدوره انحياز، والانحياز يتناقض مع الحياد، وهو المطلوب في الحكم التاريخي».

 وشأن ما ينطبق ذلك على كاتب تلك الكلمات، فإن ما نسوقه لاحقًا، وما نسرده من وقائع وأحداث، يجعلنا قريبين بشكل أو بآخر من موقف مشابه، على الرغم من تعاظم الفارق، وهو ما نسارع بالاعتراف به درءًا لسهام قد تتناثر وتتطاير هنا وهناك. لكن السلوى قد نجدها في أننا ننطلق في سردنا ورصدنا لما ماجت به هذه المرحلة التاريخية من أحداث جسام، من معايشة قريبة مع «السوفييت» ولغتهم الروسية ، تمتد إلى ما يزيد على نصف القرن.

ولعل تقليب صفحات التاريخ في توقيت يظل يعيش بيننا الكثيرون من أبطاله، يحتم علينا ما يصدق معه القول: «السير على حد السيف»؛ نظرًا إلى احتمالات تباين الرؤى، وتصادم الحكايات انطلاقا من اعتبارات شخصية، قد يعلو فيها الخاص على العام، وهو ما حاولنا أن ننأى بأنفسنا عنه، مكتفين بسرد أحداث الأمس القريب، انطلاقا مما تصافحه العين من وثائق ممهورة بتواقيع من عايشوها وتعايشوا معها، وتفسيرات للوقائع على لسان من شارك في صناعتها، أو متابعتها من قريب، بغض النظر عن تباين المنطلقات سواء كانت الذاتية أو الموضوعية.

ونذكر هنا أن القدر كان كريمًا معنا، حين قادنا في مقتبل العمر بعد تخرجنا في «مدرسة الألسن العليا» (وهو الاسم التاريخي لكلية الألسن ـ جامعة عين شمس) قسم اللغة الروسية، إلى وزارة السد العالي، بموجب «نظام تكليف» تلك السنين، عملنا بمقتضاه في مكتب المهندس عبد العظيم تركي، بطل أنفاق السد العالي وأحد أهم مهندسيه، ممن عهدت الدولة إليهم بتأسيس «جهاز خطوط كهرباء السد العالي» والإشراف على بناء الشبكة الكهربائية ومحطاتها في منتصف ستينيات القرن الماضي.

وكان ذلك مقدمة لإيفادنا لاحقًا إلى موسكو للعمل بمكتب السد العالي التابع في حينه لسفارة «الجمهورية العربية المتحدة». ومثلما كان القدر كريمًا ورحيمًا بنا ومعنا، فقد شرّفنا لاحقًا ولم يكن مضى من الزمن الكثير، بأن نكون على مقربة من بعض أولى مفردات عملية إعادة بناء القوات المسلحة، من موقعنا مترجمًا «مُكَلّفًا» بالعمل مع أول مجموعة من الخبراء العسكريين السوفييت قرر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر دعوتهم إلى مصر للإشراف على إعادة بناء القوات المسلحة بعد نكسة يونيو 1967.

والشرف والكرم هنا موصولان إلى هذين المشروعين تحديدا ـ «بناء السد العالي وخطوطه الكهربائية، وإعادة بناء القوات المسلحة»، بوصفهما كانا ولا يزالان يحددان بدرجة كبيرة ليس فقط الكثير من معالم الأمس القريب، بل أيضًا آفاق تطور الحاضر الذي يكتنفه غموض نرجو أن يجد ما يبدده، بين ما نورده من وثائق ووقائع تاريخية بين دفتي هذا الكتاب.

فكرة هذا الكتاب أدين بها للأصدقاء ممن يكابدون الكثير من المشاعر المتناقضة تجاه «العلاقات المصرية ـ الروسية»، منذ كانت الأحداث تبدو وكأنها تستدعي بعضًا من ذكريات ذلك الزمن الجميل، في وقت كانت ترتفع فيه صور الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» جنبًا إلى جانب مع صور الزعيم جمال عبد الناصر والفريق أول (آنذاك) عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع .

وهديًا بما احتوته وثائق وملفات الخارجية الروسية عن الفترة 1952 ـ 1984، وما صدر لاحقًا من مذكرات لعدد من السفراء السوفييت في القاهرة، حاولنا قدر الإمكان متابعة أولى خطوات مسيرة التقارب المصري ـ السوفيتي بكل أتراحها وأفراحها. والوثائق كما الأرقام لا تكذب. وشهود العيان مهما بلغت ذاكرتهم من حدة، لا يمكن أن يكونوا وحدهم المرجع الرئيس لرصد وقائع التاريخ وتعرجاته.

ومن أضابير الوثائق، وشهادات من بقيَ من أحياء تلك الفترة التاريخية الوضاءة كان لنا الاطلاع على ما نورد بعضا من تفاصيله بين دفتي هذا الجهد المتواضع.

ومن ذلك ما نستهل به «كتابنا» حول موقف الاتحاد السوفيتي وقياداته التاريخية من «ثورة يوليو 1952»، ودور الشيوعيين المصريين مع سفير الاتحاد السوفيتي في القاهرة في «اعتبارها انقلابًا»، حسبما وصفها ستالين في حينه. ولم تكن القاهرة ممثلة في سفيرها في موسكو الفريق عزيز المصري بمنأى عن هذه «التفاسير المُشوهة»، وهو الذي حرص على أن يُسِرَّ لنظيره السوفيتي في القاهرة بأن «البكباشي جمال عبد الناصر هو أكثر أعضاء مجلس قيادة الثورة عداءً للسوفييت».

ومن ذلك أيضًا ما أودعناه كتابنا من «إرهاصات»، علاقة شاءت لها الأقدار وعزيمة الرجال، أن تكون بداية مرحلة فارقة في تاريخ المنطقة، على ضوء الاتصالات التي أسفرت عن أول صفقة سلاح بين مصر وبلدان المعسكر الاشتراكي، وما تلاها من علاقات تبدو تفسيرا لما اتخذته القيادات السوفيتية من مواقف لاحقة. ومنها الإنذار السوفيتي الذي ساهم في دحر العدوان الثلاثي ضد مصر في 1956، وما تبعه من علاقات تعاون بدأها الجانبان بمشروع السد العالي، وما تلا ذلك من احداث  وتعقيدات وتشابكات في الرؤى والمواقف بلغت حد التلاسن اللفظي بين الزعيمين ناصر وخروشوف، وما اعقبه من مراسلات متبادلة نورد تفاصيلها ونصوصها بين دفتي هذا الكتاب.

 

ونوجز لنقول إن الكتاب يتضمن أيضًا الوثائق الخاصة بالكثير من تطورات مسيرة كانت عامرة بالأتراح والأفراح ومنها ما يتعلق بالخلاف التاريخي بين ناصر وخروشوف، وبالتعاون المشترك بين مصر والاتحاد السوفيتي في إفريقيا واليمن إبان ستينيات القرن الماضي قبل وقوع الواقعة في يونيو 1967.

 وقد توقفنا عند هذه اللحظات الفارقة تحديدًا من خلال استعراض نصوص الكثير من الوثائق ومحاضر الجلسات التي كان الرئيس جمال عبد الناصر أحد أطرافها الرئيسية، بما في ذلك ما يتعلق بقرار التنحي بعد هزيمة الخامس من يونيو1967،  وما تبع ذلك من اتصالات مع القيادة السوفيتية التي ناشدته التراجع عن قراره، وما تلا ذلك من لحظات فارقة مع رفيق العمر عبد الحكيم عامر بعد محاولة انقلاب فاشلة، واتخاذ قراره التاريخي حول فك الارتباط بين المؤسسة العسكرية والدولة المدنية.

 ولم نكن لنغفل بطبيعة الحال ما صادفته علاقات البلديْن من عثرات ومنها «واقعة طرد الخبراء السوفييت في عام 1972»، وإفشاء الرئيس الراحل انور السادات لأحد أهم أسرار حرب اكتوبر 1973 في رسالة بعث بها إلى هنرى كيسينجر مستشار الأمن القومي الامريكي في السابع من أكتوبر ، وهو ما سارع كيسينجر بإبلاغه لاسرائيل في نفس الليلة، وما أعقب ذلك من أحداث بلغت ذروتها مع نهايات حكم الرئيس أنور السادات بطرد السفير السوفيتي، ثم العودة لإستئاف ما انقطع من علاقات دبلوماسية بين البلدين مع بدايات حكم الرئيس حسني مبارك، وما واكب ذلك من اتصالات ومداولات، منها ما كان يتعلق بالموقف من تصفية القضايا العالقة، وفي مقدمتها الديون العسكرية التي هدد مبارك بعدم سدادها، وما نجم عن ذلك من ردود أفعال حددت ملامح ومسار العلاقات بين البلدين في تاريخها المعاصر.

على أن ذلك كله وبقدر ما اطلعنا وراجعنا يظل اجتهادا، نرجو ان ينال قدره المناسب من وفاق مع الموضوعية ومفردات التاريخ،  بما قد يكون سبيلا إلى المراجعة والتصحيح، في توقيت شاءت الاقدار ان يجئ مواكبا لقرب حلول الذكرى الخامسة والسبعين لاقامة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وموسكو في أغسطس 1943.

كانت هذه تفاصيل خبر سامي عمارة كتب من الآخر : علاقة مصر بروسيا إضطرار لا أختيار لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على البشاير وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements