الارشيف / اخبار الخليج

صالة فارغة

شكرا لقرائتكم خبر عن صالة فارغة والان نبدء باهم واخر التفاصيل

متابعة الخليج 365 - ابوظبي - ابحث في اسم الكاتب

تاريخ النشر: 27/07/2018

استمع

د. حسن مدن

لا شيء يبقى على حاله. هذه قاعدة صحيحة في المطلق. سنّة الحياة هي التغيّر وليس الثبات. هذا كان في الماضي وهو حادث اليوم، وسيستمر في المستقبل أيضاً.
لكن الجديد هو أن التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة عجّلت كثيراً من وتائر التحوّل، فما كان يقيم عقوداً وربما قروناً فيما مضى، لم يعد يمكث أكثر من عقد أو حتى دون ذلك من السنوات، حيث تباغتنا اكتشافات واختراعات جديدة، أو تطويرات على أجهزة مستخدمة على نطاق واسع، سرعان ما تُلقي جانباً بأجيال أسبق منها، لصالح الأجيال الجديدة، كما هو حال الحواسيب والهواتف وغيرها.
حديثنا هنا يتمحور حول المنافسة بين أجهزة تؤدي المهام نفسها، أو مهاماً مشابهة. ففي البدء عرف الناس الراديو الذي كان اختراعه ثورة كبرى في مجال نشر الثقافة والفن الأخبار والترفيه، وما إلى ذلك، وما إن ألف الناس الراديو، بل أدمنوه، حتى جاء اختراع التلفزيون.
وحينها قيل إن هذا الاختراع الجديد سيُقصي الراديو، أو يقلل من أهميته، لكن التجربة برهنت على أن في هذا القول الكثير من المبالغة، فظلّ للإذاعة جمهورها، وربما أوقات استماعها، جنباً إلى جنب مع التلفزيون.
المنافسة بين الاختراعين ظلّت قائمة، لكن دون أن يُقصي أحدهما الآخر، حتى لو توزع اهتمام الناس بينهما.
شيء مشابه ورد حول المنافسة بين السينما والتلفزيون، حيث قيل: لن يذهب الناس للسينما طالما أصبح بوسعهم مشاهدة الأفلام من على شاشات التلفزة في بيوتهم، لكن التجربة دلّت على أنهما يؤديان ما يمكن وصفه بالدور التكاملي في نشر الفنون، وظلّ سحر شاشة السينما وطقسها يجذبان الملايين، خاصة أنها سعت لتطوير أدائها، فانتقلت من الشاشة المربعة قريبة الشكل من الشاشة التلفازية، إلى الصالة المستطيلة الواسعة، التي تمنح المشاهد إحساساً بالرحابة، لا توفره شاشة التلفزيون.
لكن وقتنا الراهن يطرح تحديات غير مسبوقة أمام السينما، فاتساع شبكة الإنترنت وخدماتها، حرّر المشاهدين من أسر برمجة مواعيد عرض الأفلام التي يحبون، فلم يعد ضرورياً أن نبحث في برامج القنوات التلفزيونية متى ستعرض فيلماً من الأفلام، وإنما نقوم نحن باستدعائه لوحدنا، ومن ذلك ما تقدمه خدمة «نتفليكس»، حيث صار بوسعنا مشاهدة ما نريد وقت ما نريد.
ثمة كتاب عن السينما، صدر قبل سنوات، عنوانه: «زيارة إلى صالة فارغة»، يكاد عنوانه ينطبق على ما قد نكون قد بلغناه فعلاً، رغم أن الكاتب اختار عنوان كتابه انطلاقاً من أن الأفلام التي تناولها بالعرض والنقد، لا تحظى باهتمام الجمهور العادي الباحث عن الترفيه، لكن الصالات أصبحت اليوم أو ستصبح فارغة؛ لأن كل ما تعرضه بات متاحاً خارجها.
ثمة نقلة تنال من أهم طقس في السينما، وهو المشاهدة الجماعية في الصالة المظلمة، حيث يمكن قياس رد فعل الجمهور، لصالح المشاهدة الفردية في البيوت، كدليل آخر على تضاؤل مكانة الجمعي لصالح الفردي.

[email protected]

Advertisements